الجمعة، 2 أكتوبر 2015

العلم الخطأ والعلم الزائف

بخصوص موضوع العلوم الزائفة إلي كتبت فيه سابقاً (قائمة العلوم الزائفة ، خصائص العلم الزائف ، المنهجية العلمية ، كيف نتعامل مع العلم الزائف) دخلت في حوار لطيف مع بعض الأصدقاء حول بحث نشره أحد منكري التطور في مجلة تبدو وأنها تهتم بالتحكيم العلمي ، صحيح ليست من كبار المجلات ولكنها ، علي ما بدا لنا ، إلي حد ما مقبولة ، أو علي الأقل إختلفت حولها الأراء. ووجد أحد أصدقاءنا المتخصصين أخطاء علمية واضحة في البحث ووضح لنا أن لو كان هو المحكم العلمي لما قبل النشر. وطالبني الأصدقاء وقتها أن أضيف إسم المؤلف في قائمة العلم الزائف. خاصة أن المؤلف شخص سليط اللسان وتعدي علي وعلي عائلتي بالسب والقذف سابقاً. بس الحقيقة أنا كان لي رأي في هذا الموضوع:
أولاً: القائمة محايدة ، لا يجب أن تتأثر إطلاقاً بالخلافات الشخصية ، ولذلك لم أرد أن أضيفه لمجرد إنه شتمني.
ثانياً: هل هذا المؤلف بالفعل من مروجي العلم الزائف؟ هو قام بنشر بحث مليء بالأخطاء العلمية هذا صحيح ، ولكنه كما بدا لي فأنه إتبع المنهجية العلمية الصحيحة ، ولذلك ترددت في إضافة إسمه وفكرت إني فقط سأتابعه حتي يتأكد لي العكس. وهذا هو الحال ساعة كتابة هذه السطور.

ولكن هذه الواقعة أثارت نقطة هامة لم أتطرق لها بالكتابة مسبقاً:

ماهو الفرق بين البحث العلمي الخاطيء ، وبين البحث العلمي الزائف؟ وهل يختلطان؟

الفرق كبير جداً وأيضاً مهم جداً. لم يدعي أحد أبداً أن العلماء لا يخطئون ، بل أذهب إلي أبعد من ذلك وأقول أنه لم يدعي أحد أيضاً أن نظام المنهجية العلمية نظام مثالي بلا ثغرات. هذا غير صحيح مطلقاً ، والأمثلة كثيرة.
كم من مرة نُشر بحثاً ثبت في ما بعد أن به أخطاء ، ليس فقط مخطئاً في فرضياته ولكن مخطيء في طريقة البحث نفسها: تجارب بها ثغرات في نظام التحليل الإحصائي ، أبحاث تعتمد علي الرياضيات بها أخطاء رياضية. وعدت الأبحاث دي في نظام التحكيم العلمي المعروف وإتقبلت في أكبر المجلات العلمية عادي. وأحياناً تعدي ومحدش ياخد باله حتي بعد النشر ، لكن في الأغلب ما يظهر لها نقاد بعد نشرها وظهورها في المجلات أو المؤتمرات. والنقد لا يكون كدة بالكلام فقط أو في مدونة أو علي الفيسبوك ، لكن يتجه الناقد الجاد إلي كتابة أبحاث أخري ترد علي هذه الأخطاء وتُنشر في نفس المجلة مثلاً. ويدور حوار ، وإذا كان الخطأ واضح فأن مؤلف البحث المغلوط ، إذا كان عالماً حقيقياً ، يكون أول من يعترف بهذا الخطأ ، ويكتب بحثاً تصحيحياً مثلاً يوضح فيه خطأه. مش معني إن البحث عدي في التحكيم العلمي إنه صح ، دي نقطة كتير من الناس مابياخدوش بالهم منها ، هو في الأغلب صح ، أو علي الأقل في الأغلب صح من ناحية المنهجية ، ولكن ليس دائماً. (حصلت معايا مرة إني كتبت بحث وإستعجلت وبعته للنشر. المحكم العلمي رجعهولي موضحاً إن فيه أخطاء رياضية فادحة. بعد ما أعصابي هديت وتغلبت علي كرامتي إلي وجعتني وهديت كدة وإستهديت بالله وبطلت اشتمه في سري ، بصيت في البحث تاني ولقيت الراجل معاه حق ، أو الست لأن الواحد مابيعرفش مين المحكم. فأعدت البحث كله من أوله لأخره وصححت الأخطاء وبعتها تاني لنفس المحكم وإتنشر ، وحمدت ربنا ساعتها إن المحكم قفشني لأن لو كانت عدت والبحث إتنشر كانت حتبقي فضيحة بجلاجل فيزيائية. مع ملاحظة إنها بتحصل وعلي المدي البعيد لا تؤثر علي سمعة الباحث إلا إذا تكررت أكثر من مرة. المهم!).
كل ده عادي علي فكرة ، بيحصل كل يوم وفي مجلات علمية كبيرة. وأحياناً يختلف المحكم العلمي مع المؤلف ولا يصلون إلي إتفاق. وقتها يكون الموضوع في الأغلب إختلاف في وجهات النظر وليس مسألة خطأ واضح وصريح لا يختلف عليه إثنان. مثال شخصي تاني: أذكر مرة إني أرسلت بحث لمجلة. المراجع ما عجبوش البحث. لم يجد فيه أخطاء ولكنه قرر إن المحتوي مش كافي وإن المفروض أكتب زيادة ، وأنا كبرت في دماغي إن المحتوي كافي ، مش تكبراً لكن لأنني كنت أظن ذلك بالفعل. بعد حوار بالإيميل رايح جاي ماعرفتش أقنعه وماعرفش يقنعني رحت بمنتهي الهدوء ساحب البحث ومقدمه في مجلة تانية لقيته إتقبل ، لأن المحكم المرادي إتفق معايا إن المحتوي كافي. إختلاف وجهات النظر ده عادي وبيحصل كتير. ولكنه دليل أخر علي ثغرة من ثغرات نظام التحكيم العلمي. العلماء يدركون جيداً وجود هذه الثغرات ويتعاملون معها بأمانة حين تظهر ، لأن هدفنا ليس إعلاء الرأي والإنتصارات الشخصية ، هدفنا هو تقدم العلم والوصول إلي الحقيقة (إن وجدت).

وهنا ، في هذه النقطة بالتحديد ، يظهر لنا الفرق الكبير والشاسع بين العلم الخطأ والعلم الزائف. كما قلنا العلم الخطأ بيحصل بصور مختلفة ، لكن العالم الحقيقي لا يكابر ويعترف بخطئه حتي لو كان أينشتاين نفسه (حصلت). أما المخرف صاحب العلم الزائف فليس هدفه الوصول إلي الحقيقة لكن غالباً ما تكون أهدافه إما إعلاء نفسه أمام الناس أو إعلاء فكرة مسبقة عنده نابعة من وجهة نظر غير علمية (عقائدية مثلاً ، زي صاحبنا في المثال أول المقال) وأحيانا الإتنين. ومن هنا من الصعب جداً وقد يكون من المستحيل أن يتراجع هذا النوع من الناس عن رأيه ، حتي لو ثبت أمام الجميع (بخلافه هو) أنه مخطيء بالدليل القاطع والبرهان الساطع. لأنه إذا فعل ذلك خسر منظره أمام مريديه وتراجعت شهرته وتوقف الجميع عن متابعته ، إن كانت الشهرة مقصده ، أو حدث ما هو أسوأ ، إذا كانت دوافعه عقائدية أو دينية وأضطر أن يتراجع عن خطأه فسيعتبر هذا (هو الي حيعتبر مش إحنا) ضربة لدينه ولعقيدته ، وهذا صعب جداً عند الكثير من الناس ، إن لم يكن أغلبهم أو كلهم. ولذلك قلنا سابقاً وسنظل نقول ، لا تخلطوا العلم بالدين لأن في هذا خطورة علي الدين وليس على العلم.
وقد يحاول صاحب العلم الزائف أن ينشر أراءه بصورة منهجية في المجلات العلمية ، ولا غبار عليه في ذلك ، فهو يتبع أصول العلم ، ولكنه قد يصطدم بالواقع حين لا يُقبل بحثه ، أو يُقبل وينشر لكن يُرَد عليه في بحث أخر. وقتها يظهر المعدن الحقيقي للباحث ، إن كان عالماً حقاً فسيقبل النقد والنقاش ، بحث ببحث ، وفكر بفكر ، ويقبل التراجع عن خطأه ، ولا تأخذه العزة بالإثم ، أما إن كان مخرفاً فسيرفض النقد ، وترتد عليه تخريفيته (إن صح التعبير) وتظهر عليه سمات الزيف. بل وقد يزيد علي ذلك ويهاجم منتقديه هجوماً شخصياً ، معتبراً أن الصراع هو صراع شخصيات ، ولكنه في الواقع ليس هكذا إلا في فكره هو.
كم أتمني أن يرحم البعض أنفسهم ويرحموا الناس. كم من طاقة عقلية مهدرة في الزيف ، ولو تم توظيف هذه الطاقات في العلم الحقيقي لكنا وصلنا مجرات أخري وليس فقط كواكب اخري.
ربنا يهدي!

(مع الشكر للصديق المهندس أكرم مسعود علي فكرة المقال)
 
 
 
 

 

هناك 8 تعليقات:

  1. جميل جداً :)

    ردحذف
  2. أنا اكتشفت لك مخرف كبيير جدا ولازم تضمو لقايمتك وبتنطبق عليه القواعد الي انت ذاكرها بصورة واضحة جدا .. هو واحد انجليزي اسمه اسحق نيوتن لانه معروف انه عنده ابحاث في الكتاب المقدس عن تحديد نهاية العالم ... ارجوك تحذر منه يا بتاع التخريف الخماسي انت لحسن الناس تنخدع بيه وتظن انه عالم

    ردحذف
    الردود
    1. ايه علاقة كلام نيوتن في اللاهوت بأبحاثه في الفيزياء و الرياضيات؟ الأبحاث في النهاية بتتقيم على ما فيها, مش على مين قالها, يعني مبدأ يعرف الرجال بالحق و لا يعرف الحق بالرجال, كل العلماء ليهم شطحات مش معنى أنهم قالوا كلام صح ان كل كلامهم صح. و الله بديهيات

      حذف
  3. اذا كان بمجرد انو واحد نكرة يحذر من شخص و يتهمو بالتخريف بدون اي مجهود في قراءة انتاجه و نقده نقد علمي فيمكن لكل واحد مننا بقعد في بيته و يجمع اي قائمة من الناس المابدخلوش في مزاجه و يقول عنهم مخرفين و تبقى القصة كلها مجرد شتائم في شتايم زي ما شايف في اغلب المواقع العربية .. انت بتقول عنهم مخرفين وهم بفولوا عنك مخرف و يطلع المكين الانت بتدعي انك وصي عليه وعلي عقله وما يعرفش يصدق مين فيكم و تكون انت زدت المشكلة وضيعت الزمن وكرهت الناس في بعضيها .. ليه ما تعلم الناس تشغل عقلها و تعرف تحكم بنفسها بدل مسالة القوائم والقوائم المضادة ديه .. او على الاقل ما كنش الافضل ليك انك تقول عنها انها مصادر غير موثوقة بدل مسالة التخريف والشتم دي .. وليه تتكلم انت في الموضوع ده ويسكت من عم اولى منك من البتحاول تتملقهم في موقعك ده زي احمد زويل وغيرهم اللي مافي حد يشك في اهليتهم و صدقهم ..

    ردحذف
    الردود
    1. الراجل اللي انت بتقول عنه نكرة ده حضرتله محاضرة كوانتم كجزء من كورس ماجستير و كان بيحل مصفوفات صعبة بشكل يحسسك انها سهلة فبلاش تحكم انت عالناس بدون متشوف بيعملوا ايه في الحياة

      حذف
  4. حد يقول عن شخص زي الشعراوي رحمه الله انه مخرف .. يعني لا يعرف ما يقول .. طيب انا زيك برضه بختلف معاه علميا في مسائل كتيرة و ممكن اقولها في اي مكان و الناس تستفيد .. لكن لو اختلفت معاه في كل شي قاله ماقدرش و ما يصح اقول انه بخرف بقول انه مخطي في كذا والصح كذا او بالكتير بقول انه ليس بموثوق ان يؤخذ منه العلم الفلاني .. مش مقصود الشعراوي بالذات كل المزكورين عندك ينطبق عليهم ده .. انت اسات لمصر باسلوبك القبيح ده وارجوك تغير اسم موقعك وسميه فيزيائي حزمبلي فيزيائي جزمجي اي حاجة وخلي مصر في حالها هي مش ناقصاكم

    ردحذف
  5. البروفسور معتز امام عنده حق في محاربة العلم الزائف بس يجب تطوير التعليم وعلي فكره كل الفي القائمه مش اغلبيتهم مخرفين المخرفين هما عبد العاطي وسعيد حساسين والبيهاجم نظرية التطور والاعجاز العلمي غير كدا يبقي انت البتخرف لان في فعلا شباب مجتهد عنده اختراعات شغاله ودخل بها مسابقات وشغاله وليس بها اي خدع او تدليس بل هي تجربه حقيقية لكن ينقصها فحصها علميا وليس فضحها

    ردحذف
    الردود
    1. يعني حد زي الاخ اللي بيموت الكلاب و بيترجم بقبقة الدجاج ده شايفه شخص منطقي؟

      حذف