الأحد، 10 فبراير 2019

ندوة ‫"‫دور العلم في الحياة الثقافية‫"‫ في دوار الفنون بالمنيا

تشرفت بدعوة كريمة من منتدي ‫"‫دوار الفنون‫"‫ الثقافي بالمنيا لندوة عن العلم والثقافة ومنهجية العلوم وأيضاً عن الفيزياء‫.‫
الندوة كانت يوم الثاني من فبراير 2018 من ضمن فعاليات مهرجان حكاية فن‫.‫ تقابلت من بعض الشباب قبلها وكان يوماً رائعاً‫.‫
الشكر واجب للأساتذة هشام هارون ‫، مصطفي صلاح ‫، مينا واصف لدعوتهم الكريمة وضيافتهم الرائعة‫.‫

ڤيديو الندوة‫:

الخميس، 17 يناير 2019

روز اليوسف‫: تحقيق صحفي بعنوان ‫"‫ورثة الأنبياء‫.‫‫"‫

سعدت بالمشاركة في هذا التحقيق الصحفي الرائع الذي يفتح عش من عشش الدبابير ‫، تحية حارة لفريق العمل خاصة الأستاذين عماد عبد المقصود و عبد الحليم حفينة‫.‫

پرومو التحقيق‫:


الڤيديو كاملاً:


التحقيق كاملاً من موقع روز اليوسف‫:

الأربعاء، 12 ديسمبر 2018

ندوة العلم و العلم الزائف ، في تحديد ما هو علمي ‫، صالون ‫"‫علمانيون‫"‫

في الثالث عشر من نوڤمبر عام 2018 سعدت بدعوة كريمة من ‫"‫علمانيون‫‫"‫ لإلقاء محاضرة حول منهجية العلوم والعلم الزائف‫.‫ التسجيل الكامل للمحاضرة هنا‫:




الجمعة، 7 يوليو 2017

Superstrings, multiverses, and the future of physics

Public lecture in Zewail City for Science and Technology, July 2016.





التناظر الزمكاني ‫، أساسيات الفيزياء ‫، وكسل الفيزيائيين

أحياناً وانا بَدَّرِس كورس ما ‫، بحب ألفت نظر الطلبة إن الفيزيائيين دول ‫(‫إلي أنا منهم‫)‫ عالم كسالي قوي ويحبوا يختصروا ويلخصوا ويجيبوا من الأخر‫.‫ وإن نص ‫، إن لم يكن أكتر ‫، الرموز الرياضية والإبتكارات الرمزية إلي بتوع الفيزيا إخترعوها قائمة علي الإختصار‫.‫ كأننا مكسلين نكتب المعادلة علي بعضها فنألفلها رموز جديدة ‫، بل وأحياناً مباديء رياضية جديدة ‫، علشان نلخص ونختصر‫.

طيب هو الموضوع ده كسل بس ولا الحاجات دي ليها أسباب أعمق من كدة‫؟ أنا دايماً بقول برضه إن النوتيشين
Notation
إلي بنستعملها في الفيزياء ليها معاني أعمق من مجرد الكسل والإختصار ‫، وإن في كتير من الأحيان ‫، إن لم يكن كلها ‫، الرموز الجديدة ‫(‫المختصرة‫)‫ بتنبيء عن تفاصيل داخلية في المعادلات
Structure
ماكناش واخدين بالنا منه‫.‫ بس عيب الهيصة دي إنها أحياناً تؤدي برضه إلي كلكعة المعادلات ‫واللغة الرياضية إلي بنستخدمها بطريقة تؤدي إلي شيء من التوهان‫.‫ وده منطقي لأنها قائمة علي لغة جديدة لازم تتعلمها الأول قبل ما تتكلم بيها‫.‫

التفاصيل الداخلية الجديدة دي في الأغلب بتقوم علي حاجة إسمها ‫"‫مبدأ التناظر‫.‫‫"‫
The principle of symmetry
ودي حاجة سهلة مش صعبة بس من كتر أنواعها المختلفة الطلبة أحياناً بتتوه‫.‫ الفكرة هي إننا بنفترض إن قوانين الفيزياء ثابتة لا تتغير بتغير مؤثرات معينة ‫، والخاصية دي بتؤدي بالضرورة إلي إختصار في الرموز الرياضية المستخدمة وإبتكار رموز جديدة‫‫.‫

طيب إيه حكاية التناظر دي‫؟

الفكرة بسيطة ‫، تخيل معايا تجربة فيزيائية سهلة تقدر تعملها في معمل تانية ثانوي‫.‫ إعمل التجربة‫ وسجل النتائج.‫ وبعدين غير في التجربة حاجة ‫، أي حاجة ‫، وسمي التغير إلي إنت غيرته ‫"‫التغير ج‫"‫ ‫، إعمل التجربة تاني‫ وسجل النتائج.‫ لو لقيت نفس النتائج هي هي ماتغيرتش يبقي سيادتك لقيت ‫"‫تناظر‫"‫ ‫، أو سيمترية ‫، في التجربة‫.‫ بمعني أن التجربة إلي سيادتك عملتها متناظرة تحت التغير ج‫.‫

التغير ممكن يكون حاجة بسيطة‫.‫ يعني مثلاً مجرد تغيير ميعاد عمل التجربة ده يعتبر تغير‫.‫ عملت التجربة النهاردة الساعة ستة وكررت التجربة كل ساعة ‫، لو النتائج هي هي يبقي التجربة دي متناظرة تحت تغير مواعيد عملها ‫، بمعني أخر التجربة لا تتأثر بمرور الزمن‫.‫

سهلة أهي مافيهاش حاجة‫.‫

طيب إيه تاني تناظر موجود‫؟ بعد التناظر الزمني ممكن يبقي فيه تناظر مكاني ‫، يعني التجربة لا تتغير بتغيير مكان عملها‫.‫ سواء علي الترابيزة دي ولا علي الترابيزة دي‫ ‫، ولا في المدرسة دي ولا في المدرسة التانية ‫، بتدي نفس ذات النتيجة‫.‫ وممكن نتخيل تناظر دوراني‫.‫ إعمل التجربة ‫، وبعدين لف التجربة كلها علي بعضها في الفضاء خمسين درجة مثلاً وإعملها تاني‫.‫ لو إدتك نفس النتيجة يبقي التجربة متناظرة تحت الدوران‫.‫
وهكذا‫.‫

نقدر هنا نعمم شوية ‫، بدلا ما نقول التجربة الفلانية متناظرة تحت التناظر ج ‫، ممكن نعمم كمان ونقول إن القوانين الفيزيائية إلي قامت عليها التجربة بذات نفسها متناظرة تحت ج‫.‫ يعني قوانين الفيزياء دي لا تتأثر لا بمرور الزمن ‫، ولا بتغير المكان ‫، ولا بالدوران‫ في إتجاه جديد.‫ خلينا نسمي التلات أنواع دول من التناظر ‫"‫تناظرات زمكانية‫"‫ لأنها مرتبطة بالمكان والزمان‫.‫ ماشي!‏

الكلام ده عام‫‫؟ يعني هل كل قوانين الفيزياء متناظرة تحت التناظرات الزمكانية‫؟ مش بالظبط‫.‫ مثلاً لو التجربة بتاعتك هي تجربة لقياس إتجاه الجاذبية الأرضية ‫، وعملت التجربة لقيت إتجاه الجاذبية ‫"‫لتحت‫"‫ بالنسبة للجهاز بتاعك يعني في إتجاه الأرض ‫، وبعدين لفيت التجربة تسعين درجة وعملت التجربة تاني ‫، لقيت إن الجاذبية المرادي في إتجاه ‫"‫الجنب‫"‫ بالنسبة للجهاز بتاعك ‫، لأنها برضه في إتجاه الأرض بس إنت لفيت الجهاز‫.‫ إذاً التجربة بتاعتك هنا غير متناظرة دورانياً‫.‫ بس خلي بالك من حاجة‫.‫ إنت لما لفيت التجربة لفيت الجهاز بس ‫، وسبت الأرض إلي إنت واقف عليها مالفيتهاش‫.‫ لو كنت لفيت الجهاز ولفيت الأرض كمان كنت حتلاقي إتجاه الجاذبية برضه لتحت!‏
الله‫؟ يعني إيه‫؟
يعني علشان تحدد إذا كانت التجربة متناظرة لازم التغيير إلي حتعمله فيها يشمل كل عناصر التجربة ‫، التجربة المرتبطة بالأرض ما ينفعش تلفها لوحدها لأن الأرض هنا جزء من التجربة‫.‫ 

طيب فرضنا إننا أخدنا كل ده في الإعتبار ‫، هل نقدر نستنتج إن قوانين الفيزياء متناظرة زمكانياً‫؟ يعني مثلاً أي تجربة لو إستنينا عليها سنة أكيد أكيد يعني مش حتتغير وتدينا نتائج جديدة‫؟ 
الحقيقة لأ مش أكيد ‫، إحنا مفترضين إن الفيزياء متناظرة زمكانياً ‫، لايوجد عندنا أي دليل قاطع إن قوانين الفيزياء لا تتغير بتغير المكان مثلاً ‫، وإن التجربة إلي بتعملها هنا علي كوكب الأرض حتديك نفس النتيجة لو عملتها علي كوكب شمهورش في المجرة الفلانية علي مسافة عشرتاشر سنة ضوئية‫.‫ كل تجاربنا وكل أرصدتنا الفلكية قائمة علي الفرضية دي‫.‫ لو ثبت إن قوانين الفيزياء بتتغير من مكان إلي مكان أو من زمان إلي زمان أو من إتجاه إلي إتجاه أخر يبقي النتائج إلي بنطلع بيها من التجارب غلط ومحتاجة تتصحح‫‫.‫

طيب نعرف إزاي‫؟ ممكن يبقي أحياناً فيه أدلة ‫، وكتير من بتوع الفيزياء ‫، والفلك أيضاً ‫، دايماً بيدوروا عليها وبيركزوا فيها ‫، علشان لو لقوها حيبقي الموضوع خطير جداً‫.‫
تخيل مثلاً سرعة الضوء ‫، كلنا عارفين إنها ثابتة ولا تتغير ‫بالنسبة لأي راصد ليها‫.‫ وبناء علي ذلك إحنا بنقيس المسافات بين الأجرام السماوية مثلاً ‫، وبنحدد عمر الكون بناء علي ذلك‫.‫ لكن تصور لو إننا إكتشفنا إن سرعة الضوء متغيرة بمرور الزمن ‫، وإن الضوء كان أسرع بكتير مم هو عليه الأن في بداية الكون مثلاً‫.‫ ده معناه إن كل القياسات بتاعتنا غلط ولازم نقيسها من جديد ‫، وتلاقي إن الكون يطلع أصغر أو أكبر سناً مم كنا نعلم‫.‫ هل فيه أي أدلة علي كدة‫؟ لأ مافيش ‫، لكن ده لم يمنع بتوع الفيزياء النظرية إنهم يدرسوا هذه الإحتمالية ويضعوا شروط ليها ويدوها لبتوع الفلك والكوزمولوجي علشان ياخدوا بالهم منها ويدوروا عليها‫.‫

تستغرب بقي لو قلتلك إن فيه نظرية مشهورة في الفيزياء بتربط التناظر بصفة عامة بقوانين البقاء المختلفة‫.‫ يعني التناظر الزمني مثلاً مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بقانون بقاء الطاقة ‫، أن الطاقة لا تفني ولا تستحدث من عدم ‫، وإن التناظر الزمني لو ثبت خطأه يتبع ذلك فوراً خطأ قانون بقاء الطاقة ‫، وتصبح الطاقة ممكن تفني وممكن تستحدث من عدم‫.‫ النظرية دي إسمها نظرية نيثر 
Noether's theorem
علي إسم مكتشفتها وهي عالمة الرياضيات الألمانية إيمي نيثر‫.‫ النظرية دي في منتهي الخطورة لأن ربط التناظر بقوانين البقاء معناه إن إنهيار دي يؤدي إلي إنهيار دي‫.‫ وكلنا عارفين إن قانون بقاء الطاقة ‫(‫مثلاً‫)‫ هو أحد أساسيات الفيزياء وإنهياره ليس بالموضوع السهل ولا البسيط‫.‫ دي تبقي مصيبة كبيرة ‫، أو علي الأقل شيء ينبيء إننا كل السنين دي كنا فاهمين غلط‫.‫

إلي الأن ولله الحمد مافيش إنهيار ولا حاجة ‫، قوانين الفيزياء محترمة نفسها ومتناظرة زمكانياً‫.‫ لكن ده لا يمنع أبداً إحتمالية حدوث هذا الإنهيار‫.‫ هو الحقيقة مش إنهيار قوي ‫، أنا دايماً بقول إن إكتشافنا إننا كنا غلطانين ده في الواقع مش حاجة وحشة ‫، لأن ده معناه إننا علي وشك إكتشاف فيزياء جديدة أعمق من القديمة وأكثر شمولاً ‫، ودي حاجة لطيفة مش وحشة وتخلي المشوار مسلي أكثر‫.‫

فيه تناظرات تانية‫؟ أه فيه ‫، كتييييييير ‫، بس كفاية عليكوا كدة النهاردة‫.‫
 
 
 

 

الخميس، 9 فبراير 2017

Useful Mathematical Techniques for Physicists

Here is a link to a document that I am continuously working on. It is a list of mathematical techniques and topics that tend to pop up in the middle of calculations, particularly in advanced classes of mechanics, electrodynamics, relativity etc. I will continue to update and improve these notes. Please let me know if you have any suggestions.

The link:
https://www.scribd.com/document/347750166/Useful-Mathematical-Techniques-for-Physicists
 
 
 

 

Companion notes to Zwiebach's "A First Course in String Theory"

These notes are intended to accompany my string theory for undergraduates course, first taught in the spring semester of 2017. The material herein are based on Barton Zwiebach's excellent textbook "A First Course in String Theory,'' 2nd Edition, 2009, Cambridge University Press., in the hope that they would serve my students as easy reference as well as put in perspective the 'big picture.' The notes are perpetually a work in progress and I will continuously update them. The reading assignments I gave to the class are listed in the appendix. If you are teaching yourself string theory using Zwiebach's book, you might want to follow these readings and use the notes as a supplement. The order of the material as well as the content was chosen for students who come in not necessarily knowing special relativity, advanced electrodynamics, or quantum mechanics. The only prerequisites to this class were introductory physics and multi-variable calculus.



السبت، 30 يوليو 2016

رحلتي مع الفيزياء

قابلت شباب كتير في الفترة القصيرة إلي فاتت عندهم تعطش غير عادي لدراسة العلوم الأساسية وخاصة الفيزياء ، وكتير أخرين بعتولي علي الفيسبوك بيسألوا عن تجربتي ، خاصة لما عرفوا إني كنت أصلاً مهندس ، فقلت أكتب كلمتين أحكي فيهم تجربتي يمكن تفيد حد منهم.

أنا عارف طول عمري إني بحب العلوم. ومن صغري أكتر قصص وروايات كنت بقراها هي قصص الخيال العلمي إلي فيها السفر عبر الزمن والحاجات دي ، وأذكر مرة إن كان فيه برنامج أطفال في التليڤزيون تبعتله صورة طفلك وأمنيته لما يكبر يبقي إيه. أنا بعت صورتي ومكتوب تحتيها "عالم فضاء." وفاكر إني مرة إشتريت لعبة عبارة عن معمل كيمياء صغير للأطفال ، وبعد ما خلصت كل التجارب إلي فيها بقيت أنزل محلات الكيماويات وأشتري كيماويات وأنابيب وحاجات كدة وأألف التجارب الخاصة بيا. يعني العملية بالنسبالي كانت شوية فضاء علي شوية كيميا علي شوية بطيخ ، أي علم وخلاص. بمرور الوقت إبتديت أركز في الفيزياء لما فهمت من ثانوي الفرق بين العلوم الأساسية وبعضها البعض ، وكنت عايز أدخل كلية العلوم. لكن نظراً لقلة خبرتي ونصائح الأهل ومجموعي الكبير في الثانويه العامة قلت أخش الهندسة ، أهي إسمها برضه فيزياء تطبيقية. ولقيت نفسي بدخل كمان قسم مدني. يمكن تأثراً بوالدي رحمه الله لأنه كان مهندس مدني. هو لم يضغط عليا في شيء برضه أنا عايز أوضح ، لكن أنا كنت متأثر بيه فده إلي حصل.

إتخرجت ، وإشتغلت ، لكن حب الفيزياء فضل مأثر معايا إلي أن قررت أرجع تاني الجامعة وأدرس فيزياء. وفعلاً سألت في كلية العلوم جامعة القاهرة لقيت إنه ممكن ، حيقبلوني علي سنة تالتة زائد مادتين إضافيتين من سنوات أولي وتانية. النظام وقتها (مش عارف دلوقتي لسة ولا إتغير) كان بيسمح إن الحاصل علي بكالوريوس في أي شيء علمي يرجع الجامعة وياخد بكالوريوس تاني في أي شيء علمي أخر ، في مقابل بعض المصاريف الإضافية. ماكانتش مبالغ ضخمة ، لأن دي جامعة القاهرة ، كانت في متناول أي حد (تحديث: بلغني من أحد الأصدقاء ان فيه قانون جديد طلع سنة ٢٠١٠ بيعلي مصاريف البكالوريوس التاني ، بقت أغلى بكتير من زمان للأسف).

وهكذا ، بعد الحصول علي البكالوريوس قلت أعمل ماجستير ، وهنا كان إتجاهي ماشي في الفيزياء النظرية ، فناس نصحوني إن الحاجات إلي أحب أشتغل فيها حلاقي أساتذة في كلية الهندسة قسم "الرياضيات والفيزياء الهندسية" بيشتغلوا فيها. فقابلت أستاذ كبير في هندسة القاهرة إسمه د. أحمد علاء أبو السعود ، ربنا يمسيه بالخير ويديله الصحة ، وكان وقتها بيشتغل في نظريات المجال الكمية. وطلبت أشتغل معاه. إبتديت بالفعل وفي نفس الوقت تابعت عملي كمهندس. كان عنوان البحث إلي عملته معاه
The time evolution of unstable non-Abelian magnetic monopoles
وهكذا حصلت علي الماجستير وسألته إذا كان ممكن أكمل معاه دكتوراه ، وهنا قالي الأفضل إني أحاول أسافر. عرفت ساعتها إن جامعات أمريكا بتقبل طلبة الدراسات العليا وبتديهم حاجة إسمها
Teaching assistantship
يعني بتشتغل عندهم كمعيد معامل وكورسات صيفية في مقابل دراستك ويدوك مرتب شهري كمان ، صحيح قليل لكن يأكلك ويشربك. وهكذا قدمت في كذا جامعة ، والجامعة إلي قبلتني بهذه الشروط سافرتلها. إستقريت بعدها في الولايات المتحدة وإتنقلت من شغلانة مؤقتة لشغلانة مؤقتة إلي أن وصلت لوظيفتي الحالية.

ماشي ، السؤال بقي ، هل الهندسة نفعتني؟ ولا كانت تضييع وقت؟ الحقيقة أنا مش ندمان عليها نهائياً ، صحيح شالت من عمري بتاع سبع تمن سنين كان ممكن يقصروا السكة لكن في النهاية إنا إستفدت منها جداً. الهندسة مش مجرد مهنة ، الهندسة أسلوب فكر ، طريقة حياة ، وتعلمها نفعني وفادني في حياتي جداً. وبالصدفة عندي في الجامعة إلي أنا شغال فيها حالياً تخصص
Pre-engineering
أنا بَدَّرِسْ بعض مواده الهندسية وبنصح الطلبة فيه. يعني الهندسة نفعتني عملياً برضه. 
*****************************

طيب دي قصتي ، لكن إلي فيكوا عايز يدرس فيزياء يعمل إيه؟ طبعاً الموضوع يتوقف علي وضعه الحالي. هناك الإحتمالات التالية:
الإحتمال الأول:
متخرج من ثانوية عامة: منطقي إنه يدخل علوم علي طول. ولو إن هناك نصيحة لطيفة قريتها من صديقي م. أكرم مسعود بيقول فيها إنه من الأفضل الطالب يدخل هندسة الأول وبعدين يكمل في الفيزياء ، النصيحة دي عجبتني وأرشحها للتفكر والتدبر ، أهي هنا.
بالإضافة إلي ذلك هناك جامعات خاصه النهاردة فيها الفيزياء بتُدَّرَس بعمق يثير التأمل ، مثلاً مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا إلي برنامج الفيزياء فيها أبهرني بصراحة.
الإحتمال التاني:
متخرج أو دارس في كلية الهندسة: هنا فيه إتجاهين ، ممكن تعمل زيي وتدخل كلية العلوم سنتين تلاتة وتاخد بكالوريوس في العلوم. أو تقدم في كلية الهندسة جامعة من جامعات مصر الحكومية علي درجة ماجستير في الفيزياء الهندسية. بيدوك سنة إضافية تمهيدي تعوض فيها المواد الفيزيائية إلي بياخدوها في العلوم وبعدين تكمل ماجستير مع أي أستاذ هناك. الموضوع ده يمكن أفضل من دخول كلية العلوم لأنه أسرع ، خصوصاً لو كنت مهندس كهرباء أو نووي أو ميكانيكا. مدني كانت صعبة شوية لأنها بعيدة وفيه مواد كتير كان لازم تتعوض.

وما تنساش كمان معلومة لطيفة ، التسجيل في برامج الدكتوراه في أمريكا وكندا بالتحديد لا يشترط حصولك علي الماجستير مسبقاً.

في الأخر كل واحد وليه ظروفه ، لكن الشيء إلي أنا متأكد منه ، علي الأقل من دافع التجربة الشخصية ، إن الإنسان لازم يمشي ورا أحلامه ويعمل إلي بيحبه ، أما الأرزاق ، فهي في الأول وفي الأخر علي الله.

في نهاية التدوينة دي أحب أوضح إن الدنيا علي أياميا كانت مختلفة جداً عن دلوقتي في حاجة واحدة مهمة جداً ، وهي إن ماكانش عندنا إنترنت. دلوقتي الإنترنت سهلت الأمور ، سواء في موضوع العثور علي جامعات والتقديم فيها ، أو في موضوع الدراسة نفسها. يعني لو حبيت تدرس فيزياء من نفسك بدون دخول كلية ده ممكن جداً النهاردة من خلال الإنترنت. وهناك مصادر كتير جداً منها مثلاً محاضرات "إم أي تي":
ومنها هذه القائمة الرائعة من الكتب المتوفرة ببلاش:
وغيرها كتير ، ده غير الڤيديوهات علي يوتيوب بجميع اللغات. كنا زمان علشان نلاقي كتاب ولا بحث كانت حدوتة ، وتروح مكتبات الجامعات كلها تدور وتلف السبع لفات ، دلوقتي الدنيا بقت سهلة وجوجل مش مخلينا محتاجين حاجة.

وربنا يوفق كل واحد في تحقيق أحلامه.
 
 
 
 

 

الخميس، 28 يوليو 2016

ندوة الفيزياء الحديثة من الفلسفة إلي الكوانتم ونظرية كل شيء

تشرفت بمشاركة د. أحمد فرج علي والأستاذ أحمد سعد زايد في هذه الندوة بمركز الجزويت الثقافي بالأسكندرية يوم السادس والعشرين من يوليو من عام ألفان وستة عشر (٢٠١٦/٧/٢٦).
The PowerPoint slides used by me are here.

الندوة كاملة هنا‫:



الندوة علي جزئين: ‫(‫لكن الصوت ليس بجودة الرابط السابق‫)‫

الجزء الأول: محاضرتي د. أحمد فرج ود. معتز إمام وتعليق أ. أحمد سعد




الجزء الثاني: أسئلة الجمهور


الأربعاء، 17 فبراير 2016

علي الوتر الحساس

فيه فرع عملاق في الفيزياء إسمه ‫"‫نظرية الأوتار الفائقة‫"‫ أو
Superstring Theory
وكتير من العلماء إلي بيشتغلوا فيها كتبوا كتب وعملوا ڤيديوهات بتشرح النظرية بلغة بسيطة ‫، زي مثلاً البرنامج التليڤزيوني الشهير ‫‫"‫الكون الأنيق‫"‫
القائم علي كتاب بنفس الإسم للفيزيائي المعروف ‫"‫بريان جرين‫"‫
Brian Greene
‫(‫‫البرنامج أكثر من رائع وأنصح به بشدة ‫، مش بس في ما يختص بنظرية الأوتار ولكنه يتجول في جزء كبير من الفيزياء الحديثة بما في ذلك النسبية وميكانيكا الكم‫.‫ وهو متوفر في الرابط أعلاه ببلاش ‫، وأعتقد أن هناك نسخ مترجمة للعربية علي يوتيوب)‫‫.‫ مشكلة بعض هذه الكتب والبرامج إنها يمكن تدي إنطباع للقاريء والمتفرج إن ‫"‫الأوتار الفائقة‫"‫ نظرية فيزيائية محسومة ومنتهية وتعبر عن الطبيعة بما لا يقبل مجالاً للشك‫.‫ للأسف مش هي دي الحقيقة‫.‫ نظرية الأوتار لازالت إلي حد كبير في نطاق الفرض النظري الغير مدعوم بمشاهدات أو تجارب معملية‫.‫ ولأول مرة في تاريخ العلوم نجد فرضية غير مثبتة تتمع بقدر كبير جداً جداً من الإهتمام من العلماء وذلك علي مدي ما يقرب من خمسين سنة من بداياتها‫ ‫(حوالي سنة 1969)‫.‫


http://images.fineartamerica.com/images-medium-large/superstrings-conceptual-artwork-equinox-graphics.jpg


خمسيييين سنة‫؟ يا نهاري‫!‏ فكرة علمية لا إثبات لها ولا تجارب فيها تعيش المدة دي كلها ليه‫؟ إيه إلي مخلي ناس كتير متمسكين بيها علي الرغم من معرفتهم أنها ليست إلا فرضية غير محسومة‫؟ إيه إلي مخليهم يقولوا زي ما قال إدوارد ويتن ‫(‫‫من كبار الباحثين في النظرية)‫ أنها ‫"‫نظرية مستقبلية ‫صحيحة ألقيت علينا من المستقبل‫ ولا نستطيع إثباتها فقط لأن التكنولوجيا لم تتوفر بعد"‫‫؟ ولا واحد زي شلدون جلاشو يوصفها بأنها ‫"‫‫اللعبة الوحيدة ومافيش غيرها ‫(‫‫يعني ماحدش يلعب حاجة تانية)‫"‫‫‫؟ في العادي أي فرضية تقعد مدة طويلة زي كدة من غير إثباتات معملية بتهمل ‫، أو علي الأقل بتتشال علي الرف وماتلاقيش ناس كتير بتبحث فيها‫ إلي أن يتغير الوضع.‫ لكن الحكاية هنا مختلفة تماماً ‫، وهناك علماء عديدين ‫، منهم أسماء كبيرة ‫، بيشتغلوا فيها بمنتهي الشغف ‫، وعمالين يطلعوا بحث ورا بحث بلا كلل ولا ملل‫ ‫(‫‫أنا منهم ‫، بشتغل في جزء صغير علي قدي)‫.‫

طيب ليه‫ كل الإهتمام ده‫؟ عروستي‫؟

الإجابة المختصرة هي إن نظرية الأوتار الفائقة نتج عنها إجابات ‫(‫نظرية‫)‫ عن تساؤلات كتير جداً كانت ‫، ولازالت‫ ‫، مدوخة الفيزيائيين علي مدي عقود سابقة‫.‫ والتساؤلات التي أجابت عنها النظرية ‫(‫أو علي الأقل فتحت أبواب الإجابة‫)‫ من الكم ومن الكيف بحيث يعتقد الكثيرين إنه مش معقول نظرية تجيب علي كل ذلك وتطلع في الأخر غلط‫.‫ يعني هي مش بتجاوب علي سؤال ولا إتنين ‫، لأ ‫، دي تقريباً بتحل كل مشاكل الفيزياء الأساسية (‫‫النظرية متواترة يعني وليست أحاد)‫‫.‫

طيب هي إيه بقي نظرية الأوتار الفائقة دي‫؟ وإيه بعض الأسئلة إلي بتجاوب عليها‫‫؟

علشان نجاوب علي السؤال ده لازم نرجع لفترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين‫.‫ في الفترة دي كان فيه ‫"‫إنفجار‫"‫ من الأبحاث والتجارب لدراسة المادة تحت المستوي الذري‫.‫
Subatomic particles
يعني هي دي الفترة إلي درسنا فيها وبعمق لم يسبق له مثيل خواص الإلكترونات والكواركات والنيوترونات وغيرها من الجزيئات‫.‫ كانت العصر الذهبي لما نسميه اليوم ب‫"‫النموذج المعياري‫"‫ أو ‫"‫النموذج القياسي‫"‫‫‫.‫ ‫وكما تحدثنا سابقاً هنا وهنا ، فأن نجاح هذا النموذج لوصف صفات الجزيئات دون الذرية كان نجاحاً ساحقاً ماحقاً ‫، ونظرياته ‫(‫‫خاصة نظرية المجال الكهرومغناطيسية الكَّمي)‫ هي أنجح وأدق نظريات الفيزياء من أيام ما قالوا ‫"‫يالا بينا فيزياء‫‫"‫.‫

لكن علي الرغم من هذا النجاح فأن النموذج القياسي به مشاكل ‫كتيرة ‫، وبدا للجميع أن بعض أهم هذه المشاكل تنبع من أصل واحد فقط‫ ‫، ألا وهو إن النموذج بيفترض أن الجزيئات تحت الذرية لا حجم لها ولا أبعاد ‫، يعني هي عبارة عن نقاط بلا طول أو عرض أو إرتفاع‫.‫ وعلي ما يتراءي لنا بالتكنولوجيا المتوفرة ‫، فأن هذه الفرضية تؤكدها التجربة‫.‫ يعني مافيش أي تجربة إلي الأن تسجل أي أبعاد لهذه الجزيئات ‫، كلها مجرد نقاط طايرة في الفراغ‫.‫
Mathematical points with zero size
ماشي كويس ‫، وماله ‫، نقاط نقاط‫.‫ مش المهم إن النظرية شغالة كويس‫؟ خلاص تبقي نقاط ‫، ربنا خلقها كدة‫.‫ إيه بقي‫؟
ماكانش فيه مانع من إنها تفضل نقاط إلي أن يثبت عكس ذلك ‫، لولا أن بعض النتائج المترتبة علي هذه الفرضية كانت مرعبة‫.‫ يعني من أهم نتائج فرضية النقاط دي هو ظهور ما لا يمكن وصفه بأقل من أنه ‫"‫مالانهايات‫"‫ في المعادلات الرياضية‫.‫ يعني إيه‫؟ يعني تيجي سيادتك كدة تحل شوية معادلات من بتوع النموذج المعياري ‫"‫الكالكيولاتر‫"‫ بتاعك يعترض ويديلك نتيجة غير معرفة ‫(‫‫يعني لو يطول يشتم حيشتم)‫‫.‫ وحكاية ظهور مالانهايات في المعادلات دي كانت معروفة مسبقاً إنها دليل إن الحسابات يا إما خاطئة ‫، يا إما جاية من فرضيات خاطئة‫.‫ يعني ظهور المالانهايات بيقولنا إن النظرية إلي شغالين بيها غلط‫.‫ بس المشكلة بقي إنها في الحالة دي أكيد مش غلط ‫، وإنها في حسابات أخري بتدي النتايج الصحيحة تماماً والمتوقعة ‫، وزي ما قلنا أدق نظرية في تاريخ النظريات‫.‫ طيب إيه التناقض ده‫؟ هي غلط ولا مش غلط‫؟ ولو صح المالانهايات دي معناها إيه‫؟ لازم ليها معني ‫، لازم ليها حل‫.‫

في الأول طلعوا علينا بحل مؤقت ‫، بعض العلماء الأفاضل إكتشفوا إننا ممكن ‫"‫نكنس‫"‫ المالانهايات دي تحت السجادة ‫‫، يعني نسيبها موجودة ‫(‫‫لأننا ما نقدرش نشيلها)‫ بس نخبيها عن الأنظار ونستعبط ولا كأننا واخدين بالنا‫.‫ طريقة ‫"‫الكنس‫"‫ دي هي عملية رياضية معقدة ‫(‫‫كانت بتجيبلي صداع في الجامعة)‫ إسمها عملية ال
Renormalization
وصدقني ماعرفلهاش ترجمة ‫، لو حد يعرف يترجمها ياريت يقولي‫.‫

‫(‫‫إقترح بعض الأصدقاء الترجمات التالية‫: د‫.‫ طاهر الدمرداش‫: الانضباط ‫، أحمد رضا‫: اعادة تطبيع او اعادة ملائمه ‫، منعم زريوحي‫: اعادة التعيير)‫
يبقي إحنا كدة عندنا حل مؤقت ‫، لو إنت قاعد بتحل في معادلات النموذج المعياري وطلعتلك واحدة من المالانهايات دي ‫، إفتح كتاب ‫"‫الرينورماليزيشين‫"‫ وطبق معادلاته حتلاقي المالانهايات راحت ‫(‫‫وعلي رأي الحكيم‫: ‫"‫‫كان عندك مالانهاية وراحت"‫)‫‫.‫ دي مش بس راحت ‫، ده كمان لما تكمل الشغل بعد كدة حتوصل للإجابات الصحيحة التي تؤكدها التجربة!‏!‏!‏ يعني كأن الشغل صح ‫، هو بس كان فيه في السكة مطب ‫، عدينا فوقيه بصَنْعِة لطافة من غير ما نكسر العربية وكملنا في طريقنا ووصلنا بالسلامة‫.‫ لكن المطب موجود ‫، ماراحش ‫، إحنا بس إتعلمنا إزاي نتفاداه‫.‫ ويبقي السؤال‫: هو المطب ده موجود ليه‫؟ أكيد حد حطه علشان يخبي بيه حاجة تحتيه‫.‫ وأكيد أكيد الحاجة دي هي مشكلة النقاط المذكورة أعلاه‫.‫ يعني أصل المطب هو فرضيتنا أن الجزيئات الأساسية لا أبعاد لها‫.‫

https://s3.amazonaws.com/lowres.cartoonstock.com/business-commerce-sweep_it_under_the_carpet-personal_problems-carpets-therapists-therapy-rde9502_low.jpg 


وهنا بقي تدخل نظرية الأوتار‫.‫

 النظرية بتحل المشكلة ‫ بأن بتفترض أن كل الجزيئات التحت ذرية هذه ليست في الواقع نقاط ‫، ولكنها ‫"‫أوتار‫"‫ ‫، خيوط دقيقة جداً جداً طايرة في الفراغ وتصطدم وتتفاعل مع بعضها البعض‫.‫ وأن كل الجزيئات هي في الواقع نفس نوع الوتر ‫، وتر واحد ‫، ولكن لأنه وتر ‫، فبإمكانه أن يتذبذب زي أوتار الكمنجة‫.‫ خلي بالك معايا من النقطة المهمة دي‫.‫‫ وتر الكمان لما يتذبذب يديك صوت ‫، وكل مرة يتذبذب بطريقة مختلفة يديك صوت مختلف‫.‫ يعني العازف يشده بطريقة تسمع ‫"‫دووووو‫"‫ ‫، يشده بطريقة تانية تسمع ‫"‫صووووول‫"‫ وهكذا‫.‫ الأوتار بتاعتنا بقي لما تتذبذب بطرق مختلفة تديك جزيئات مختلفة!‏!‏ يعني ذبذبة معينة تديك إلكترون ‫، وذبذبة أخر ‫(‫‫لنفس الوتر)‫ تديك فوتون أو نيوترينو أو أو‫.‫


http://images.iop.org/objects/ccr/cern/39/3/11/quantum1_4-99.gif

الأوتار نوعان ‫، نوع مفتوح ونوع مغلق كالحلقة

 
نفس الوتر‫؟

أيوه نفسه ‫، هو هو ‫، بس بيتذبذب بطرق مختلفة‫.‫

ده إيه الحلاوة دي!‏ بعد ما كان عندنا عشرات الأنواع من الجزيئات بصفات مختلفة ‫، عندنا دلوقتي وتر واحد متعدد الصفات‫.‫ حاجة جميلة ‫، طب وبعدين‫؟ الجمال لوحده مش كفاية ‫، هل الفرضية الوترية دي بتحل مشكلة المالانهايات‫؟
أيون!‏!‏
أول ما سيادتك تقعد تشتغل في النظرية كل الحسابات إلي كانت بتديك مالانهايات قبل كدة تختفي ولا كأنه سحر!‏!‏ المطب فجأة إختفي (‫‫‫"‫‫كان عندك مطب وراح"‫)‫‫.‫ واللطيف في الموضوع إن الشكل الوتري هو الشكل الوحيد إلي يحل المشكلة‫.‫ يعني ما ينفعش تيجي تفترض إنه شكل تاني والمشكلة تتحل برضه‫.‫ لأ ‫، ده حل متميز ومتفرد ومافيش غيره‫.‫ ومن غير ‫"‫‫‫رينورماليزيشين‫"‫‫.‫


  طيب هايل‫.‫ إيه بقي مشاكل تانية بتحلها نظرية الأوتار الفائقة‫؟ فيه مشكلة كبيرة معروفة من زمان وهي مشكلة الجاذبية‫ الكمومية.‫
Quantum gravity
زي ما إتكلمنا قبل كدة في مقالات النموذج المعياري ‫، فأن قوة الجاذبية هي القوة الوحيدة إلي مالهاش توصيف كمومي ‫، يعني من ناحية ميكانيكا الكم‫.‫ كل القوي الأخري في الطبيعة ليها توصيف كمومي لكن الجاذبية لأ‫.‫ ليه‫؟ ماحاولناش نحل المشكلة دي ليه قبل كدة‫؟ الحقيقة الناس حاولت‫.‫ إلي عملوه إنهم بصوا علي النموذج المعياري وشافوا إزاي عملنا توصيف كمومي للقوي الأخري وحاولوا يطبقوا نفس الطريقة علي الجاذبية‫.‫ لكن حصل مشاكل كتير ‫، من أهمها إن لما بنحاول نعمل كدة ‫، بنلاقي مالانهايات بتظهر برضه ‫، لكن المالانهايات المرادي مالهاش حل ومالهاش كنس ‫، يعني طريقة ‫"‫‫الرينورماليزيشين‫"‫ مش نافعة معاها‫.‫ المطب أكبر من أن يزال ببساطة‫.‫ لكن نظرية الأوتار جت برضه حلت المشكلة دي‫.‫ أحد تذبذبات الوتر بتاعنا بتدي جزيء يحمل كل خواص الجاذبية المطلوبة ‫‫‫، بيسموه ‫"‫الجراڤيتون‫"‫ ‫، نسبة إلي الجاذبية ‫"‫‫Gravity"‫ ، وبدون مشاكل مالانهايات ولا بتاع‫.‫ يعني نظرية الأوتار كأنها فجأة بتوحد كل قوي الطبيعة في فكرة واحدة‫: كل المادة المحيطة بنا مكونة من وتر من نوع واحد لكن بيظهر لنا بصور مختلفة طبقاً لخواصه‫‫.‫
‫(‫‫نقطة صغننة‫ مش مهمة قوي لموضوعنا: جزيئات الجاذبية أوتار مقفولة ‫، يعني حلقات ‫، لكن أوتار الجزيئات الأخري مفتوحة كوتر الكمان)‫‫.‫

يا سلام يا جدعان‫.‫ بضربة رجلٍ واحد حلينا كل مشاكل النموذج المعياري‫.‫ وضيف علي ما ذكرنا مشاكل أخري مثل لماذا الجاذبية ضعيفة بالمقارنة بالقوي الأخري‫؟ إيه إلي بيحصل داخل الثقوب السوداء ‫(‫‫مش محلولة قوي بس شغال)‫ ‫، إحتمالات حلول لمشاكل أخري مثل مشاكل الطاقة المظلمة والمادة المظلمة وهكذا‫.‫ ده غير المشاكل الرياضية كما أسلفنا‫.‫

طيب زي الفل ‫، كدة إلي حد ما إبتدينا نفهم ليه نظرية الأوتار الفائقة ‫(‫‫حتة ‫"‫‫الفائقة"‫ دي عايزة مقال لوحدها)‫ مثيرة لإهتمام العلماء وكتير بيشتغلوا فيها علي الرغم من عدم وجود أي تجربة معملية إلي اليوم‫.‫

لكن هل النظرية مافيهاش مشاكل‫؟ فيها ‫، أكيد فيها ‫، لكن الشيء المذهل أن محاولات حل هذه المشاكل أدت بينا إلي إفتراضات أخري تتميز بالكثير من الجمال والمتعة ‫، يعني فجأة لقينا نفسنا بنتكلم في أبعاد أخري ‫، وأكوان موازية ‫، وعالم جديد وكبير جداً لا يمكن وصفه بأقل من أنه ‫"‫‫الخيال العلمي متجسداً في صورة رياضيات جميلة"‫‫.‫ بس الحاجات دي محتاجة مقال تاني‫.‫ أشوفكوا علي خير‫.‫

بعض المصادر‫:
https://nasainarabic.net/education/articles/view/string-theory-newton-einstein-and-beyond

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%B8%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%AA%D8%A7%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%A6%D9%82%D8%A9



http://images.fineartamerica.com/images-medium-large/art-representing-superstrings-mehau-kulyk.jpg

الخميس، 11 فبراير 2016

والموجة بتجري ورا الموجة ...

يا سلاااااام يا نااااس 
النهاردة ١١ فبراير ٢٠١٦ من أسعد أيام حياتي الأكاديمية.
النهاردة أعلن فريق عمل مرصد اللايجو:
LIGO
The Laser Interferometer Gravitational-Wave Observatory

أنه تم رصد موجات الجاذبية
Gravitational Waves
لأول مرة منذا تنبأ بها أينشتين بحسب معادلات النسبية العامة من مئة سنة.

بس يا معلم والدنيا إتقلبت ، الأخبار تناقلتها وكالات الأنباء أسرع من الضوء (مستحيل طبعاً بس أهم بيقولوها كدة) والإنترنت والفيسبوك كانوا علي وشك الإنهيار. والعلماء في جميع أنحاء العالم فتحوا زجاجات الشامپانيا (أو الكركديه لو عايز) وقعدوا يدوا بعض هاي فايڤ.

الحمد لله أنا شفت في حياتي العملية إكتشافات كتير بتحصل ، إكتشاف التوپ كوارك ، كتلة النيوترينو ، الهيجز بوزون. لكن إكتشاف النهاردة ده ليه عندي معزة وغلاوة أكتر بكتير من التانيين ، لأسباب كتير من أهمها إن نظرية النسبية العامة لأينشتين هي حاجة بشتغل بيها تقريباً شبه يومياً. صحيح أنا دراستي الأساسية كانت في نظرية الأوتار الفائقة ، لكن الجانب "الجذبوي" منها هو إلي إهتميت بيه أكتر وشدني جداً وبقيت بشتغل فيه أكتر من أي جانب أخر للأوتار ، وذلك لجمال النظرية وعمقها. ولو قعدت من هنا لبكرة أوصف في رونق نظرية النسبية العامة مش حديها حقها. الفكرة الأساسية جميلة جداً ، زي ما شرحت هنا وهنا ،والرياضيات بتاعتها من أجمل الرياضيات إلي إتعلمتها في حياتي.

المهم ، إيه حكاية الموجات الجذبوية دي بقي؟

شوف يا سيدي ، زي ما شرحنا في مقال النسبية العامة ، الفضاء الفراغي الثلاثي الأبعاد إلي إحنا عايشين فيه ده مرتبط إرتباط وثيق بالزمن ، إلي بيحصل لده بيأثر علي ده ، والإتنين عاملين مع بعض نسيج بنسميه "الزمكان" ، زيه زي سطح أملس مرن ، حاجة كدة زي الترامپولين. يعني ممكن ينحني ويتقوس وينبعج.

تخيل؟ الفراغ! الفرااااغ! الفاضي ده إلي مافيهوش حاجة ، والزمن ، يتقوس وينحني ، ومعادلات أينشتين بتحسب هذه التقوسات والإنحناءات. شيء مذهل.

المهم ، نرجع للسطح المرن. لو سيادتك واقف جنبه وضربت علي حتة منه بشاكوش ، حتلاقي موجات إتكونت وإبتدت تتحرك بعيداً عن نقطة إنطلاقها (الشاكوش) وممكن واحد واقف الناحية التانية حاطت إيده علي السطح يحس بيها ويقيسها. عادي زي ماتخبط علي حيطة وإلي وقف الناحية التانية يحس بخبطاتك.
هو ده بالظبط إلي حصل النهاردة. من حوالي مليار سنة ثقبين أسودين من الحجم التقيل كانوا بيلفوا حوالين بعض زي الأرض والقمر ، وبمرور الوقت إقتربوا من بعض أكتر وأكتر لحد مالتحموا. هذه الواقعة عملت في الزمكان زي ما الشاكوش عمل في الترامپولين. وظهر في الزمكان تموجات إنتشرت وأخدت مليار سنة علشان توصلنا ، وإحنا كنا مستنيين ، واقفين حاطين إيدينا علي الزمكان (إيدينا إلي هيا مرصد اللايجو) وأول ما الموجة وصلت رصدناها وسجلناها. وأدينا أهو النهاردة بنعلن عن إكتشاف القرن.



خلي بالك إن الإكتشاف ده مش حاجة كدة حلوة ودمها خفيف وعدت وخلاص ، لأ ده بداية لعصر جديد تماماً من العلم. إحنا دلوقتي قادرين علي رصد هذه الموجات ، زي كدة ما التلسكوپات بترصد الضوء والموجات الكهرومغناطيسية بصفة عامة ، يعني اللايجو ، والمراصد إلي زيه ، تعتبر من الأن تلسكوپات في حد ذاتها. وزي ما بنقدر نستشف من الموجات الكهرومغناطيسية أحداث بتبعد عننا بمئات وألاف وملايين بل وبلايين السنين الضوئية حنقدر دلوقتي نشوف الكون بعيون جديدة ، عيون الجاذبية ، وعلي رأي واحد من إلي أعلنوا الإكتشاف: زي ما نكون كنا عميان ، وفتحنا.

أنا ممكن خيالي يسرح أكتر من كدة ، فيه نظريات كتير بتستدل بالموجات الجذبوية لدراسة حاجات أغرب من الخيال ، زي الأكوان الموازية مثلاً ، لأن الجاذبية هي القوة الطبيعية الوحيدة إلي ممكن تنتقل من كوننا إلي الأكوان الأخري ، إن وجدت (موضوع كبير نبقي نتكلم فيه بعدين) مين عارف دلوقتي لما بقي رصد الموجات دي في إيدينا حنكتشف إيه ولا إيه. الأفكار والخيالات بتتسارع في راسي ، زي ما أنا متأكد إنها بتتسارع في رؤوس علماء أخرين أحسن وأذكي مني. مين عارف السنين الجاية حنكتشف إيه ولا إيه من تحت راس إلي حصل النهاردة ده.

حد يناولني ورقة وقلم يا جدعان ...

السبت، 24 أكتوبر 2015

هو أنا ليه مابكتبش با‫"‫اللغة العربية الفصيحة‫"‫‫؟

بعض الناس إنتقدوني ‫، ووصلت أحياناً إلي حد الشتيمة وقلة الأدب ‫، إني بكتب بما يسمونه ‫"‫العامية المصرية‫"‫ ومابكتبش باللغة العربية الفصحي‫.‫ ممكن أرد وأقول ‫"‫وإنت مالك أنا حر‫"‫ ‫، وإلي بيشتم أقدر ألعن سنسفيل جدوده ‫(‫هي ‫"‫سنسفيل‫"‫ ولا ‫"‫سلسفيل‫"‫‫؟‫)‫ عادي جداً‫.‫ ولكن بعد كدة الناس إلي بتسأل بجد أعتقد يستحقوا تفسير‫.‫

مافيش حاجة إسمها ‫"‫عامية مصرية‫‫"‫
أيوة سيادتك سمعتني صح‫.‫
مافيش حاجة إسمها عامية مصرية لأن الكلمة دي بتوحي إننا بنتكلم عربي باللهجة المصرية ‫، لكن الواقع سيادتك إن معظم كلام المصري مش لهجة ‫، ولكنه لغة تانية خالص مش عربي أصلاً ‫، وهي اللغة المصرية القديمة في تطورها الحالي‫.‫ صحيح اللغة المكتوبة حروفها عربي ‫، وصحيح إن كتير من الكلمات أصلها عربي ‫، لكن الواقع إن يمكن الغالب مش عربي ‫، وتركيب الجمل مش عربي ‫، إحنا كمصريين بنتكلم لغة تانية ‫، بنتكلم ‫"‫اللغة المصرية‫"‫‫.‫ هي دي لغتي ولغة أجدادي ولغة أولادي ‫‫، هي دي اللغة إلي بتكلمها وفخور بيها ، وإلي عايز يقرالي يتعلمها ‫، مش عايز يتعلمها مايقراليش‫.‫ يعني مش حتروح لواحد طلياني مثلاً تقوله إنت ليه مش بتكتب باللغة اللاتينية وهي أصل اللغات الأوروپية‫‫؟ لأ ياخويا ‫، إتعلم إنت الطلياني لو عايز تقراله إنما مش حتخشله عنده وبمنتهي الألاطة تتمنظر عليه وتفرض عليه يكتب إزاي!‏!‏ مش عايز تتعلم الطلياني إنشالله ماعنك قريتله‫.‫

طيب أنا إيه دليلي إن المصري ده لغة بحالها مش بس مجرد لهجة‫؟ أنا مش حثبت حاجة ‫، إلي عايز يبحث يبحث ‫، الأدلة كتير وناس كتير قوي كتبوا في الموضوع ده بإستفاضة وأنا مش حعرف أكتب أحسن منهم‫.‫ أنا مش عايز أثبتلك ‫، أنا بس بجاوب علي السؤال‫.‫

وقشطة ‫.‫‫.‫‫.‫‫.‫
ملحوظة‫: معلومة لطيفة يمكن تعجبكم ‫، الجملة إلي جاية دي مافيهاش كلمة واحدة عربية ‫، كلها مصرية قديمة ‫خالصة بما في ذلك تركيبة وترتيب الكلمات‫:
"‫هات شوية فول يا عم الحاج‫"‫
أيوة كلها مصرية بما في ذلك ‫"‫يا‫"‫ و‫"‫عم الحاج‫‫‫"‫ :-‫‫)‫
 
 
 
 

لماذا سميت لغتنا بلغة الضاد - موضوع

الأحد، 18 أكتوبر 2015

هل نحن علي وشك الإتصال بكائنات الكواكب الأخري؟

من فترة قصيرة إنتشرت علي الإنترنت أخبار نجم إسمه
KIC 8462852
إسم مش رومانسي خالص أنا عارف لكن حاول تفتكره لأن يمكن ، يمكن ، مجرد إحتمال صغير جداً جداً ، إن هذا النجم حيبقي أكبر إكتشاف علمي في تاريخ البشرية من أول ما الإنسان الأول إكتشف طريقة إشعال النار.

فيه إحتمال ، صغير لكن موجود ، إن هذا النجم يدور حوله كوكب به حضارة ذكية ومتقدمة عننا بآلاف السنين!

زي ما إتكلمنا قبل كدة في هذا المقال ، التلسكوب الفضائي "كيپلر" مهمته إكتشاف الكواكب إلي بتدور حول نجوم أخري بإستخدام طريقة قياس الضوء. بمعني إيه؟ بمعني إن لما يكون فيه كوكب بيدور حوالين نجم بعيد عنا ، ممكن الكوكب ده يكون بيدور بطريقة معينة بحيث إنه يحجب جزء من ضوء النجم ده عننا. بقياس مقدار الحجب ، ومقدار تكراره نقدر نحدد حجم الكوكب وبُعده عن النجم. شوف الصورة دي في نفس المقال السابق. واضح إن حجم الكوكب بيحدد كمية حجب الضوء ، ومدي تكرار هذه الظاهرة بيحدد برضه سرعة دوران الكوكب إلي بتحدد مداره وبعده عن النجم. الصورة دي مثلاً هي لقياس الضوء لأحد الكواكب إلي إكتشفها كپلر:

https://tek22dotcom.files.wordpress.com/2015/10/kepler7b-2.png

لاحظ الإنخفاض البسيط في قوة الضوء إلي بىحصل كل فترة وبيكرر نفسه؟ هو ده إلي بيحددلنا وجود كوكب. أهم نقطتين هنا إن إنخفاض الضوء لا يزيد عن نسبة إتنين من مية في المية ودي النسبة المتوقعة لكوكب صخري صغير زي كوكب الأرض مثلاً. عموماً إنخفاض الضوء لا يزيد بأي حال من الأحوال عن واحد في المية ، وده للكواكب الكبيرة العملاقة بحجم المشتري مثلاً. النقطة التانية هي التكرار ، الكوكب إلي في الصورة بيحجب الضوء كل يوم مرة تقريباً ، معني كدة إنه بيلف حوالين النجم بتاعه بسرعة عالية في مدار صغير جداً وبيكمل دورة كاملة كل أربعة وعشرين ساعة.

طيب يحصل إيه بقي لو لقينا نجم الضوء بتاعه بيتحجب بنسب عالية جداً ، زي عشرة ، خمستاشر ، لغاية عشرين في المية؟ معناها إن إلي بيحجب الضوء حاجة ضخمة جداً أو مجموعة حاجات ضخمة ، ده مش بس كدة ، ده كمان الحجب الضوئي مش بيكرر نفسه بصورة منتظمة ، وكل مرة بيحجب الضوء بصورة مختلفة وكمية مختلفة ، كأنه ليس كوكب لكن كأنه مجموعة ضخمة من الأشياء إلي بتزيد وبتقل بصورة غير منتظمة وبتكرر وجودها بصورة غير منتظمة ، كأنها بتتوقف وبعدين تكمل حسب الطلب!!

طيب ده ممكن يكون إيه بقي بالصلاتو ع النبي؟

أكيد مش كوكب ، لأن الإنخفاض الضوئي عالي جداً بيخلينا نظن إن الشيء إلي بيحجب ضوء النجم حجمه قد يصل إلي نصف حجم النجم نفسه ، مافيش كوكب بالحجم ده ، وأكيد مش نجم تاني وإلا كننا حنشوف الضوء بتاعه ، وبعدين مش بتكرر نفسها بإنتظام ، وكمان فيه منها مئات ومئات ، وكل إنخفاض شكله غريب ومختلف عن أي شيء شفناه قبل كدة ، شوف المقال ده بيشرح الموضوع بتفاصيل أكتر.

ممكن يكون التفسير هو إن دي ظاهرة من ظواهر تكون مجموعة شمسية جديدة ، يعني في بدايات أي مجموعة شمسية بيكون فيه تصادمات مثلاً بين الكويكبات ، أو ممكن يكون مذنبات بتتحرك في مدارات عشوائية بسبب تأثير نجم تاني. بإختصار ممكن يكون حاجات كتير ، زي ما أصحاب البحث بيوضحوا. لكن المشكلة إن كل سيناريو من السيناريوهات الممكنة فيه عيوب تخلي إحتمالاته ضئيلة جداً ، ده غير إن النجم (KIC 8462852) مش نجم جديد علشان يكون لسة بيكون مجموعة شمسية.

طيب منين بقي جت فكرة إن السبب في الظاهرة دي ممكن يكون مخلوقات ذكية؟ جت إن تابيثا بوياجيان ، الأستاذة إلي عملت البحث الرئيسي في الموضوع ده ، ورت النتيجة لواحد إسمه جيسون رايت ، باحث تاني كان ليه دراسات بتبحث في إحتمالية وجود حضارات متقدمة وصلت إلي درجة بناء محطات فضائية عملاقة تدور حول النجوم. الهدف من هذه المحطات في الأغلب يكون تجميع الطاقة الشمسية للنجم وتحويلها إلي طاقة قابلة للإستهلاك. لو كان فيه حضارة متقدمة إلي هذه الدرجة وبتبني عدد كبير من المحطات وكل شوية تضيف محطات جديدة قد يكون هذا هو مصدر المنحنيات الضوئية العجيبة للنجم (KIC 8462852).

نتأكد إزاي؟ العالمين بوياجيان ورايت تقدموا بطلب لتأجير وقت علي تلسكوپات الراديو العملاقة التابعة لمشروع 
SETI
(كما هو مشروح في مقالي هذا) ، لأن لو ظاهرة (KIC 8462852) سببها مشروع تكنولوجي لحضارة متقدمة فهذه الحضارة لابد وأنها بتنتج كميات كبيرة من موجات الراديو إلي من السهل أن نستقبلها ونتأكد أنها نتاج حضارة ذكية. هل ده إحتمال كبير؟ الحقيقة لأ. بالرغم من كل ماقلناه وبالرغم من كل مشاكل ظاهرة (KIC 8462852) فأن إحتمالات إن السبب طبيعي أكبر من كونه غير طبيعي أو نتاج حضارة ذكية. الموضوع لسة فريش ، والأبحاث لسة يادوب بتبتدي.

إبقوا معنا :-)

إضافة‫: مافيش يومين بعد كتابة هذا المقال أعلن معهد ‫"‫سيتي‫"‫ إنهم بدأوا بالفعل دراسة موجات الراديو القادمة من إتجاه (KIC 8462852)
http://www.space.com/30855-alien-life-search-kepler-megastructure.html

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

يا ‫"‫نيوترينو‫"‫ يا

إشتعلت اليوم وكالات الأنباء (الوكالات العالمية هي إلي إشتعلت في المعظم ، غالبية الوكالات العربية ماقالتش حاجة ، مش فاضيين ‫، بإستثناءات قليلة) بخبر فوز "تاكاكي كاجيتا" (من كوكب اليابان الشقيق) والكندي "أرثر ماكدونالد" (لأ مش بتاع ساندوتشات الهامبورجر) بجائزة نوبل هذا العام (2015) في الفيزياء ، عن أبحاثهم الخاصة بإثبات حاجة إسمها "تذبذبات النيوترينو". وفجأة وبدون أي سابق إنذار بقت كلمة "نيوترينو" علي كل لسان ، كل الناس (إلي عايزة تفهم) بتسأل "هو إيه ياخويا النيوترينو ده وبيتذبذب ليه كفي الله الشر؟ عيان يعني ولا صحي الصبح لقي نفسه كدة ولا إيه الحكاية؟"

النيوترينو ده قصة رائعة من قصص الفيزياء وملحمة في البحث العلمي لا نظير لها. هو جزيء صغنن جداً ينتمي لمجموعة "الجزيئات الأولية" ، زي الإلكترون والفوتون والحاجات إلي بنسمع عنها دي لما نحب نتفذلك ونعمل نفسنا فاهمين بنقول إيه. أنا كنت إتكلمت قبل كدة في الجزء الثاني من مقال "النموذج القياسي" عن موضوع الجزيئات دي ، وتحديداً لو سيادتك بصيت في الصورة إلي في المقال حتلاقي علي أقصي الشمال مش نيوترينو واحد ، لأ ده فيه تلات أنواع سيادتك ، كلهم نيوترينو. وأسماءهم مرتبطة بجزيئات تانية ، يقولك "نيوترينو الإلكترون" و"نيوترينو الميون" و"نيوترينو التاو". الأنواع دي بيسموها "نكهات" يعني flavors مفردها "نكهة". الحقيقة الموضوع مالوش علاقة بالنكهات يعني النيوترينو مالوش طعم ولا حاجة (نيوترينو بنكهة الفراولة؟) بس هي زي ما تقول كدة خفة دم من بتوع الفيزيا (ها ها ها).

طيب إيه القصة بقي؟

الحكاية إن في الثلاثينيات من القرن العشرين العلماء كانوا بيدرسوا ظاهرة المواد المشعة ، وكان من المعروف وقتها إن فيه مواد معينة بتشع إلكترونات. المشكلة ظهرت لما جم يقيسوا طاقة الإلكترونات دي لقوها ناقصة حتة. بمعني إن إحنا عارفين إن الطاقة لا تفني ولا تستحدث ، ماشي؟ فلما تيجي تعمل تجربة وإنت عارف ومتأكد لأسباب نظرية ومعملية إن ناتج التجربة محتوي الطاقة لازم يكون "كذا" وتيجي تقيسه تلاقيه "كذا إلا حتة" ، حيبقي قدامك حل من تلاتة: إما إنك فاهم غلط أو حسبت حساباتك غلط ، أو إن قانون بقاء الطاقة غلط (تف من بقك) يا إما الطاقة الناقصة راحت في حتة إنت ما أخدتش بالك منها وماشفتهاش. الأخيرة دي هي إلي العلماء إقترحوها (تحديداً "ڤولفجانج پاولي" الفيزيائي الشهير). قالك أكيد فيه جزيء جديد إحنا مش شايفينه ولا قادرين نقيس وجوده ، لا ليه شحنة كهربائية (neutral) ومالوش كتلة أو كتلته صغيرة قوي ، وضعيف كدة بيعدي في أي حاجة من غير ما حد يحس ولا أي جهاز يقدر يلقطه ، لكن بيشيل طاقة لأنه بيتحرك. وهو الجزيء ده الحرامي إلي سرق طاقة الإلكترون!

وإنتشرت الفكرة وإتشهرت ، ودخلت في المعادلات والقوانين. وأصبح الجزيء ده إسمه ال"نيوترينو" ، لأن كلمة "نيوترون" معناها جسم لا شحنة له و"نيوترينو" هي مصغر "نيوترون" بالطلياني ، يعني النيوترون البيبي (علي وزن "بامبينو" كدة). لكن فين وفين ، بعد الأحداث دي بأكتر من عشرين سنة ، لما بتوع التجارب قدروا إنهم يثبتوا وجود النيوترينو معملياً. نظراً لأنه صغير جداً وخفيف جداً ولا شحنة له ولا بيتفاعل مع أي حاجة (مالوش لازمة يعني) كان من الصعب إننا نشوفه بصورة مباشرة ، لكن التفاعلات الناتجة عن التفاعلات الناتجة عن تفاعلات النيوترينو الضعيفة جداً ممكن رؤيتها. مشكلة النيوترينو إنه بسبب خواصه الغريبة دي ممكن يعدي في أي جسم صلب من غير ما يخبط في حاجة. العلماء بيقدروا إن مليارات النيوترينو يومياً بتعدي في جسم سيادتك وفي الكرة الأرضية كلها من أولها لأخرها وهي ماشية في خط مستقيم كأنها معدية في لاشيء بالظبط! بس علي الرغم من كدة فيه إحتمال قليل قوي قوي قوي قوي قوي إنه ممكن من وقت للتاني نيوترينو يتفاعل مع شيء من المادة. علشان كدة قالك طيب إحنا حنبني تانكات مية كبيرة جداً جداً فيها ملايين الجالونات من المية ، علشان لما يعدي فيها كذا مليار نيوترينو في اليوم الإحتمالات تزيد إن واحد منهم ، واحد بس ، يتفاعل مع جزيئات المية ونشوفه. وفعلاً هو ده إلي حصل ، ولسة لحد النهاردة دي أفضل طريقة ل"رؤية" النيوترينو وعمل الأبحاث عليه.

Super-Kamiokande Neutrino Detector Helps Scientists Find Dying Stars
 
ال"سوپر كاميوكاندي" ، تانك المية العملاق إلي "كاجيدا" إستعمله في أبحاث النيوترينو

حلو الكلام؟

كلام جميل

طيب مصدر النيوترينو ده منين؟ يعني إيه الظواهر الطبيعية إلي بتطلع نيوترينو؟ قلنا قبل كدة إن المواد المشعة بتطلع نيوترينو ، ولذلك تلاقي المفاعلات النووية هي من أهم مصادر النيوترينو علي الأرض. في الطبيعة بقي إحنا عندنا مفاعل نووي عملاق لو سيادتك بصيت في السما بالنهار حتشوفه: الشمس. التفاعلات النووية داخل الشمس بينتج عنها كميات رهيبة من النيوترينو بتنطلق في كل إتجاه وكتير منها بينزل الأرض كل يوم (أو بالأصح بتخترق الأرض كل يوم). فكان طبيعي إن العلماء يبتدو يدرسوا النيوترينو إلي جاي من الشمس في تانكات المية إياها. وفي نهاية الستينيات قاسوا كميات النيوترينو إلي جاية من الشمس وكان إكتشاف كبير ، وإديها أفراح وليالي ملاح.

ولكن

وأه من كلمة لكن

كلمة "لكن" دي في العلوم يا إما بيبقي وراها مصيبة يا إما بيبقي وراها إكتشافات أعظم وأجمل مم سبقها. في الحالة دي "لكن" كان شكلها في الأول حتطلع مصيبة لكن إنتهت بفرح. الحكاية إن كميات النيوترينو إلي جاي من الشمس طلع إنها أقل من المتوقع. يعني النظريات إلي إحنا بانيين عليها فهمنا للشمس بتقول لازم يطلع من الشمس عدد كذا نيوترينو ، لكن القياسات لقت إن إلي بيطلع هو تقريباً ثلث الكمية. طيب هو التلتين الناقصين راحوا فين؟ هو يعني النيوترينو ده دايماً صداع كدة مايجيش بالساهل أبداً؟ يكونش (تف من بقك بسرعة) النظريات إلي إحنا بانيين عليها فهمنا للشمس غلط؟ ولا يكونش النيوترينو إلي طالع من الشمس بيقع منه تلتينه في السكة؟

عشر سنين تانية عدت قبل ما نعرف الإجابة ، أو بالأصح قبل ما يبقي عندنا نظرية نعرف نشتغل بيها. في سنة 1978 علماء جامعة إستانفورد إكتشفوا تجربة جديدة شبه بتاعة التلاتينات فيها برضه كمية طاقة ناقصة ، بس المرادي الطاقة مش ناقصة من الإلكترونات ، لكن ناقصة من جزيء تاني إسمه التاو. فبعد الدراسة والأبحاث والمؤتمرات إتفقوا إن فيه نوع تاني من النيوترينو ، برضه شحنته صفر وصغنن وكتلته ضعيفة ويمكن صفر وبيسرق الطاقة ، لكن الفرق الوحيد بينه وبين النيوترينو الأولاني إنه بيسرق طاقة من التاو مش من الإلكترون. ونفس الحكاية حصلت بعدها بعشر سنين في تجارب فيها جزيء إسمه الميون. وبكدة إتضحت الرؤيا ، فيه تلات أنواع من النيوترينو ، تلات نكهات: النيوترينو الأصلي بتاع پاولي إلي أصبح إسمه "نيوترينو الإلكترون" وفيه "نيوترينو التاو" وأخيراً "نيوترينو الميون". التلاتة ليهم بالظبط نفس المواصفات لكن بيختلفوا فقط في نوعية الجزيء إلي بيسرقوا منه.

كل ده بقي علاقته إيه بالشمس والنيوترينو الناقص؟ ماهو أكيد مش صدفة يعني إن فيه تلات أنواع نيوترينو وإن الشمس بتنتج بالظبط تلت أعداد "نيوترينو الإلكترون" التوقعة. الحل النظري كان في إن الشمس بتنتج بالفعل العدد المتوقع من "نيوترينو الإلكترون" لكن في الطريق إلي الأرض بيحصل إلي بيسموه تذبذبات النيوترينو: تلت الكمية بيتحول إلي "نيوترينو تاو" والتلت الباقي بيتحول إلي "نيوترينو ميون". وده يفسر ليه إحنا بنشوف بالظبط تلت كمية النيوترينو الأصلي. المعادلات النظرية برضه بتؤكد إن لازم يكون النيوترينو ليه كتلة صغيرة قوي قوي ، وإن هو مش من الجزيئات التي لا كتلة لها.

التأكيد المعملي لهذه التذبذبات حصل حوالي سنة 1998 ، وكان نتيجة التجارب إلي عملها الفريق الياباني بقيادة "تاكاكي كاجيتا" والفريق الغربي بقيادة "أرثر ماكدونالد" ، وهي دي التجارب إلي إستحقوا عنها جايزة نوبل السنادي.

وتوتة توتة فرغت الحدوتة

الجمعة، 2 أكتوبر 2015

العلم الخطأ والعلم الزائف

بخصوص موضوع العلوم الزائفة إلي كتبت فيه سابقاً (قائمة العلوم الزائفة ، خصائص العلم الزائف ، المنهجية العلمية ، كيف نتعامل مع العلم الزائف) دخلت في حوار لطيف مع بعض الأصدقاء حول بحث نشره أحد منكري التطور في مجلة تبدو وأنها تهتم بالتحكيم العلمي ، صحيح ليست من كبار المجلات ولكنها ، علي ما بدا لنا ، إلي حد ما مقبولة ، أو علي الأقل إختلفت حولها الأراء. ووجد أحد أصدقاءنا المتخصصين أخطاء علمية واضحة في البحث ووضح لنا أن لو كان هو المحكم العلمي لما قبل النشر. وطالبني الأصدقاء وقتها أن أضيف إسم المؤلف في قائمة العلم الزائف. خاصة أن المؤلف شخص سليط اللسان وتعدي علي وعلي عائلتي بالسب والقذف سابقاً. بس الحقيقة أنا كان لي رأي في هذا الموضوع:
أولاً: القائمة محايدة ، لا يجب أن تتأثر إطلاقاً بالخلافات الشخصية ، ولذلك لم أرد أن أضيفه لمجرد إنه شتمني.
ثانياً: هل هذا المؤلف بالفعل من مروجي العلم الزائف؟ هو قام بنشر بحث مليء بالأخطاء العلمية هذا صحيح ، ولكنه كما بدا لي فأنه إتبع المنهجية العلمية الصحيحة ، ولذلك ترددت في إضافة إسمه وفكرت إني فقط سأتابعه حتي يتأكد لي العكس. وهذا هو الحال ساعة كتابة هذه السطور.

ولكن هذه الواقعة أثارت نقطة هامة لم أتطرق لها بالكتابة مسبقاً:

ماهو الفرق بين البحث العلمي الخاطيء ، وبين البحث العلمي الزائف؟ وهل يختلطان؟

الفرق كبير جداً وأيضاً مهم جداً. لم يدعي أحد أبداً أن العلماء لا يخطئون ، بل أذهب إلي أبعد من ذلك وأقول أنه لم يدعي أحد أيضاً أن نظام المنهجية العلمية نظام مثالي بلا ثغرات. هذا غير صحيح مطلقاً ، والأمثلة كثيرة.
كم من مرة نُشر بحثاً ثبت في ما بعد أن به أخطاء ، ليس فقط مخطئاً في فرضياته ولكن مخطيء في طريقة البحث نفسها: تجارب بها ثغرات في نظام التحليل الإحصائي ، أبحاث تعتمد علي الرياضيات بها أخطاء رياضية. وعدت الأبحاث دي في نظام التحكيم العلمي المعروف وإتقبلت في أكبر المجلات العلمية عادي. وأحياناً تعدي ومحدش ياخد باله حتي بعد النشر ، لكن في الأغلب ما يظهر لها نقاد بعد نشرها وظهورها في المجلات أو المؤتمرات. والنقد لا يكون كدة بالكلام فقط أو في مدونة أو علي الفيسبوك ، لكن يتجه الناقد الجاد إلي كتابة أبحاث أخري ترد علي هذه الأخطاء وتُنشر في نفس المجلة مثلاً. ويدور حوار ، وإذا كان الخطأ واضح فأن مؤلف البحث المغلوط ، إذا كان عالماً حقيقياً ، يكون أول من يعترف بهذا الخطأ ، ويكتب بحثاً تصحيحياً مثلاً يوضح فيه خطأه. مش معني إن البحث عدي في التحكيم العلمي إنه صح ، دي نقطة كتير من الناس مابياخدوش بالهم منها ، هو في الأغلب صح ، أو علي الأقل في الأغلب صح من ناحية المنهجية ، ولكن ليس دائماً. (حصلت معايا مرة إني كتبت بحث وإستعجلت وبعته للنشر. المحكم العلمي رجعهولي موضحاً إن فيه أخطاء رياضية فادحة. بعد ما أعصابي هديت وتغلبت علي كرامتي إلي وجعتني وهديت كدة وإستهديت بالله وبطلت اشتمه في سري ، بصيت في البحث تاني ولقيت الراجل معاه حق ، أو الست لأن الواحد مابيعرفش مين المحكم. فأعدت البحث كله من أوله لأخره وصححت الأخطاء وبعتها تاني لنفس المحكم وإتنشر ، وحمدت ربنا ساعتها إن المحكم قفشني لأن لو كانت عدت والبحث إتنشر كانت حتبقي فضيحة بجلاجل فيزيائية. مع ملاحظة إنها بتحصل وعلي المدي البعيد لا تؤثر علي سمعة الباحث إلا إذا تكررت أكثر من مرة. المهم!).
كل ده عادي علي فكرة ، بيحصل كل يوم وفي مجلات علمية كبيرة. وأحياناً يختلف المحكم العلمي مع المؤلف ولا يصلون إلي إتفاق. وقتها يكون الموضوع في الأغلب إختلاف في وجهات النظر وليس مسألة خطأ واضح وصريح لا يختلف عليه إثنان. مثال شخصي تاني: أذكر مرة إني أرسلت بحث لمجلة. المراجع ما عجبوش البحث. لم يجد فيه أخطاء ولكنه قرر إن المحتوي مش كافي وإن المفروض أكتب زيادة ، وأنا كبرت في دماغي إن المحتوي كافي ، مش تكبراً لكن لأنني كنت أظن ذلك بالفعل. بعد حوار بالإيميل رايح جاي ماعرفتش أقنعه وماعرفش يقنعني رحت بمنتهي الهدوء ساحب البحث ومقدمه في مجلة تانية لقيته إتقبل ، لأن المحكم المرادي إتفق معايا إن المحتوي كافي. إختلاف وجهات النظر ده عادي وبيحصل كتير. ولكنه دليل أخر علي ثغرة من ثغرات نظام التحكيم العلمي. العلماء يدركون جيداً وجود هذه الثغرات ويتعاملون معها بأمانة حين تظهر ، لأن هدفنا ليس إعلاء الرأي والإنتصارات الشخصية ، هدفنا هو تقدم العلم والوصول إلي الحقيقة (إن وجدت).

وهنا ، في هذه النقطة بالتحديد ، يظهر لنا الفرق الكبير والشاسع بين العلم الخطأ والعلم الزائف. كما قلنا العلم الخطأ بيحصل بصور مختلفة ، لكن العالم الحقيقي لا يكابر ويعترف بخطئه حتي لو كان أينشتاين نفسه (حصلت). أما المخرف صاحب العلم الزائف فليس هدفه الوصول إلي الحقيقة لكن غالباً ما تكون أهدافه إما إعلاء نفسه أمام الناس أو إعلاء فكرة مسبقة عنده نابعة من وجهة نظر غير علمية (عقائدية مثلاً ، زي صاحبنا في المثال أول المقال) وأحيانا الإتنين. ومن هنا من الصعب جداً وقد يكون من المستحيل أن يتراجع هذا النوع من الناس عن رأيه ، حتي لو ثبت أمام الجميع (بخلافه هو) أنه مخطيء بالدليل القاطع والبرهان الساطع. لأنه إذا فعل ذلك خسر منظره أمام مريديه وتراجعت شهرته وتوقف الجميع عن متابعته ، إن كانت الشهرة مقصده ، أو حدث ما هو أسوأ ، إذا كانت دوافعه عقائدية أو دينية وأضطر أن يتراجع عن خطأه فسيعتبر هذا (هو الي حيعتبر مش إحنا) ضربة لدينه ولعقيدته ، وهذا صعب جداً عند الكثير من الناس ، إن لم يكن أغلبهم أو كلهم. ولذلك قلنا سابقاً وسنظل نقول ، لا تخلطوا العلم بالدين لأن في هذا خطورة علي الدين وليس على العلم.
وقد يحاول صاحب العلم الزائف أن ينشر أراءه بصورة منهجية في المجلات العلمية ، ولا غبار عليه في ذلك ، فهو يتبع أصول العلم ، ولكنه قد يصطدم بالواقع حين لا يُقبل بحثه ، أو يُقبل وينشر لكن يُرَد عليه في بحث أخر. وقتها يظهر المعدن الحقيقي للباحث ، إن كان عالماً حقاً فسيقبل النقد والنقاش ، بحث ببحث ، وفكر بفكر ، ويقبل التراجع عن خطأه ، ولا تأخذه العزة بالإثم ، أما إن كان مخرفاً فسيرفض النقد ، وترتد عليه تخريفيته (إن صح التعبير) وتظهر عليه سمات الزيف. بل وقد يزيد علي ذلك ويهاجم منتقديه هجوماً شخصياً ، معتبراً أن الصراع هو صراع شخصيات ، ولكنه في الواقع ليس هكذا إلا في فكره هو.
كم أتمني أن يرحم البعض أنفسهم ويرحموا الناس. كم من طاقة عقلية مهدرة في الزيف ، ولو تم توظيف هذه الطاقات في العلم الحقيقي لكنا وصلنا مجرات أخري وليس فقط كواكب اخري.
ربنا يهدي!

(مع الشكر للصديق المهندس أكرم مسعود علي فكرة المقال)